ذقيانوس، ذي عدينة، ثغر ، المحروسة، المدينة المعلقة بين النجوم والحالمة.. أسماء لمدينة تعزجامع الصحابي معاذ بن جبل في مدينة الجند أهم المآثر الإسلامية في اليمن
محافظة تعز هي العاصمة الثقافية لليمن ، فقد جمعت عبر التاريخ بين الريادة الثقافية والعلمية والتجارية . وتقع محافظة تعز إلى جنوب العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بحوالي (256) كيلو متراً، وتحتل المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في الجمهورية، إذ يشكل سكانها ما نسبته (21.2%) من سكان الجمهورية، وعدد مديرياتها (23) مديرية .
إعداد: أحمد الجبليوتتميز تعز بتنوع نشاطها الاقتصادي؛ حيث يزرع فيها بعض المحاصيل الزراعية كالحبوب والخضروات، والفواكه، إلى جانب الثروة الحيوانيةوصيد الأسماك في ساحل مدينة المخاء، فضلاً عن ممارسة النشاط الصناعي، حيث يوجد في المحافظة العديد من المنشآت الصناعية،منها: مصنع أسمنت البرح وبعض الصناعات الغذائية. وتضم أراضي المحافظة بعض المعادن من أهمها النحاس، النيكل، الكوبلت ومجموعة من عناصر البلاتينيوم ..أما معالم السياحة في محافظة تعز فهي كثيرة ومتعددة، منها جامع الجند التاريخي الذي بناه الصحابي الجليل معاذبن جبل بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلعةالقاهرة والمدارس الأثرية كالمظفرية والأشرفية والمعتبية .
ومدينه تعز – عاصمة المحافظة - زاخرة بتراثها الحضاري ومعالمها السياحية الاثريه من حيث مساجدها وأبوابها وأحيائها القديمة وقلعتها التاريخية المطلة على المدينة , وجبل صبر الحارس لها .
ويقال أن مدينة تعز القديمة مبنيةعلى أنقاض وفوق مدينه سبئية قديمة موجودة على عمق اثني عشر متراً وكانت تعرف باسم مدينة « ذ قيانوس « ولها أيضا أسماء كثيرة منها ذي عدينه وثغر المحروسة تعز المدينة المعلقة بين النجوم الحالمة .
الأحجار تقول شعرايقول أحد المتيمين بمدينة تعز وطبيعتها وآثارها التاريخية :
بقدومك إليها يتراءى لك ثلاثة أحوال لها ، مستلقية على سفح جبل صبر أو متكئة برأسها على الجبل الحاني عليها بكل تواضع وإجلال ، أو أنها فضلت أن تكون منخفضة عنه ليتواءم البشر على العيش معها أكثر فتوفر المأوى والحضن الدافئ لكل قادم ومقيم فيها .
تراها ممشوقة القوام كالكلمة الطيبة ، يلفها النسيم من وادي الضباب وحتى البركاني كقلب خافق بين حنايا الرئتين، تسمع لها تنهدات عند السحر من مآذن المظفر والأشرفية فتتجاوب معها أشعة الشمس القادمة من الحوبان لتلف المدينة إلى عالم الحقيقة ويكشف الغطاء عن جمال اختبأ بستار من الليل، ليتكرر المشهد يوميا بين اغتسال في البحر ليلا على شرفة باب المندب وشراء فل من البرح وهجدة وليكسوها الصباح ثوبا شفافا يبين كافة مفاتنها ، فتراها خجولة كالعروس يمدها وادي الضباب بذلك العبير الذي يتخلل جاءها وكل خصلة من شعرها .
وما أن تطأ المدينة حتى تنتفي عنك وحشة المكان ، ويتلبس بك شعور كأنك وجدت ضالتك , وتتهافت روحك على دوحةمن الأحاسيس لاتعرف لها مثيلا،تردد في أعماقك تلائم الحب في قلبي،وينبري قلمك ليسطر أعذب استغفاراته ، وتمدك المدينة برقة القلب ولين الأفئدة، أسئلة تتزاحم وتُحار في الرد عليها ، ويختالك الشعور أكنت أسيراً في شوارع المدينة وأروقتها وتعاريجها،أم كانت المدينة تسير في مجرى دمي،وهل هذه تعرجات شوارعها أم تعرجات شراييني وأوردتي, لقد خالطتك الحقيقة بالأوهام ومن دهشة المكان استعذت من الشيطان بدلا من تسبيح الرحمن, لقد أفقدك المكان حقيقة نفسه ولم يعد معروفا لديك أكنت الزائر أم المزور؟ إن الأحجار لا تتكلم إلا أنها في تعز تقول شعرا .
أبرز معالمهاجبل صبر هو ابرز معالم مدينة تعز، حيث يعطي المدينة جمالاً ورونقا ويحيط بها من الجهة الجنوبية والشرقية ومن ابرز معالمه قلعة القاهرة ، مديرية الحجرية وتعتبر من أكبر مديريات مدينة تعز الحالمة ، وهي مقسمة لعدة مناطق منها « المسراخ ، المعافره ، بني يوسف ، بني حماد, بني غازي...إلخ « وقد سكنها العديد من القبائل المعروفة ومن أشهرها المعافره « من تميم « و مذحج وغيرهم ، كما أن الأتراك في تلك الحقبة سكنوا فيها وجعلوا من منطقة التربة قلعة لحصونهم، لأن جوها عليل وبارد والأرض زراعيه على سفوح الجبال فكانت لهم متنزها و قلعة حكم حصين ، وتعد قبيلة « بني حماد « من القبائل التي لها تاريخ عريق و تعد من أشهر القبائل المنتشرة في دول الخليج ويقال ان بني حماد ينتمون إلى قبيلة تميم .
ويصل ارتفاع جبل صبر المطل على المدينة إلى حوالى ( 3070 متراً ) عن مستوى سطح البحر ، ويرتفع عن مدينة تعز حوالى ( 1500 متراً ) فيزيد المدينة جمالاً إلى جمالها خصوصاً في الليالي المقمرة .
ويدخل جبل صبر طبوغرافيا ضمن مناطق المرتفعات الوسطى والجنوبية ويشكل معلماً تضاريسياً هاماً ويشرف على المناطق الجنوبية من أعلى قمة فيه هي قمة جبل العروس .. هو جبل جرا تيني من العصر الثلاثي، صخوره غنية جداً بالمكثفات بكافة أنواعها وفيها معدن« الهاليت«والفلزات المعدنية،إضافة إلى صخور بركانية منها كوارتز ، والمونزونيت .
يذكره لسان اليمن « الهمداني « في كتابه « الصفة « بأنه حصن منيع وهو من الجبال المسنمة من المعافر ويسكنه الحوا شب ، والسكاسكك ، وفيه آبار وهو ملك الجبال الجنوبية ، ويصفه « ابن المجاور « بأنه جبل مدور كثير الخيرات والفواكه والأخشاب وفيه العديد من القرى والحصون وله أربعة مسالك إحداها الخشبة ، وبرداد ، وعتدان ، وجَبَأ .
وخلال العصر الإسلامي كان لجبل صبر أهميةإستراتيجية من الناحية الدفاعية حيث وردت له إشارات في المصادر التاريخية، ففي فترة الدولة الصليحية كان الأمير«أسعد بن أبي الفتوح بن الوليد الحميري « متولياً على جبل صبر ، وحصن تعز حتى عام ( 514 هجرية ) وتولى بعده شؤون جبل صبر وحصن تعز.
وتحتوي مديريات تعز على آثارمن العصور الغابرة تنطق باسم الدول التي تعاقبت على ما يعرف حديثاً بالجمهورية اليمنية. ولعل أهم المآثر الإسلامية في اليمن جامع الصحابي معاذ ين جبل في مدينة الجند.
قلعة القاهرةتقع قلعة القاهرة على السفح الشمالي لجبل صبر، حيث ترتكز على مرتفع صخري يطل على المدينة، ويقال بأن هذه المنطقة التي بها القلعة هي في الأصل تعز القديمة وسميت بعد ذلك ب « القاهرة«.. بينما تذكر بعض الروايات أنها كانت تسمى حصن تعز وبعد الاحتلال العثماني لليمن أطلقوا اسم تعز على المدينة إلى ان جاء حكم الإمام المطهر بن شرف الدين وغير اسم القلعة إلى قلعة القاهرة .
وبالعودة إلى المراجع التاريخية للقلعة تجد بأن ما توفر عن هذه القلعة ينحصر في مجموعة من النقوش وعدد من الشواهد الأثرية التي تم العثور عليها في القلعة وعدد من المواقع القريبة منها، وهي شواهد تتضمن تماثيل فخارية ورخامية ومباخر يعود تاريخها إلى الحقبة القتبانية، ومذابح من الحجر الكلسي وبقايا أحجار عليها كتابات بالخط المسند وأخرى باللغة الآرامية السامية التي يرجع تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد، إضافة إلى بعض النقوش التي ذكر فيها الملك كرب آل وتر، في القرن الثالث الميلادي، كذلك وجدت فصوص من العقيق وخاتم يحمل عنقود من العنب ونقش موجود في الباب الرئيسي للقلعة، مكون من ستة أحرف حور منها أربعة حروف بالخط العربي والحرفان الآخران ما يزالا على حالهما بالحرف الآرامي . وكل هذه الشواهد والمعطيات التاريخية ترُجع تاريخ القلعة إلى عصور ما قبل الإسلام .
غير أن حديث التاريخ يظل بعيدا عن قلعة القاهرة حتى قيام الدولة الصليحية قبل نهاية العقد الثالث من القرن الخامس الهجري وتحديدا في 439-532ه، الموافق ل1045-1138 عندما بادر السلطان عبد الله بن محمد الصليحي شقيق الملك -المؤسس- ببناء قلعة القاهرة، وأقر ذلك المكرم احمد بن علي الصليحي عند توليه الحصن، ثم جاء آخوه أبو الفتوح بن الوليد الحميري ليتولى قيادة الحصن باعتباره موقعا شديد الأهمية.
رافق ذلك استيطان وتجمعات سكنية لذوي المصالح في سفوح الحصن من مختلف الجهات، ليصبح الحصن مقراً للملوك الذين بنوا فيه عددا من القصور لسكناهم وعائلاتهم وتارة كانت بعض مباني القلعة تمثل سجونا للمعارضين للحاكم . وهكذا وتمشيا مع حركة النهضة العمرانية التي شهدتها المدينة خلال الحقبة الصليحية والحقبة الأيوبية ثم الحقبتين الرسولية والطاهرية.
والثابت أن الحصن لعب أبرز الأدوار في نشأة وبناء مدينة تعز حتى بدايات الحقبة الرسولية. وإذا كان السبق في بناء الحصن للسلطان عبد الله محمد الصليحي، فقد كان السبق أيضا للأيوبيين في بناء المدينة عندما وصل شمس الدولة توران شاه أخو الناصر صلاح الدين الأيوبي إلى اليمن سنة 569ه الموافق 1173م وأتخذها عاصمة لملكه، لكنه لم يلبث أن غادرها بعد ثلاثة أعوام ليحل مكانه أخوه سيف الإسلام طغتكين الذي شرع في بناء أول المدارس في تعز ثم تم انتقال المدينة نهائيا إلى بني رسول عام 626ه، حتى أن الملك المظفر يوسف بن عمر خطى خطوته الأولى في اتخاذها عاصمة لدولته التي وصلت إلى عز ازدهارها وقوة سلطانها ليمتد نفوذها إلى أرض الحجاز .. وقد وصفها المؤرخون والرحالة بأنها قلعة عظيمة وجميلة من قلاع اليمن لها أبراج شاهقة آية في الجمال والقوة، ومنهم ابن بطوطة وياقوت الحموي وادوار فبكودي والكابتن الهولندي بترومان وغيرهم الكثير من الرحالة والمؤرخين القدماء.
حدائق معلقةوتتكون قلعة القاهرة من جزئين : الأول ويسمى « العدينة « ويضم حدائق معلقة على هيئة مدرجات شيدت في المنحدر الجبلي وسداً مائياً وأحواضاً نحتت وشيدت في إحدى واجهات الجبل، فضلاً عن القصور التي تتناثر في أرجائه محاطة بالأبراج والمنتزهات. وفي هذا الجزء توجد أربعة قصور هي: دار الأدب. دار الشجرة. دار العدل. دار الإمارة والأخير كان خاصاً بالملك إلى قصر الضيافة وهو خاص باستقبال الضيوف، بالإضافة إلى الأنفاق التي تربط القصور بالخارج بأنفاق وممرات سرية.
أما الجزء الثاني للقلعة فيسمى “منطقة المغربة ” ويحوي عدد من القصور وأبراج الحراسة ومخازن الحبوب وخزانات المياه. أما سور القلعة فيعد أحد الشواهد التاريخية المهمة على تاريخ مدينة تعز إذ شُيِّد قديما ليحوي كل أحياء المدينة القديمة التي يُعتقد أنها تأسست في عهد الدولة الصليحية (القرن السادس الهجري - الثاني عشر الميلادي ) وقد شُيِّد بطريقة هندسية بالغة التعقيد بارتفاع 120مترا وبسمك أربعة أمتار محتويا على وحدات الخدم وغرف حراسة ما يزال بعضها باقياً حتى اليوم.
أما سور القلعة فقد تواصل مع سور تعز القديمة والذي كان له أربعة أبواب رئيسة وهي : الباب الكبير، باب الشيخ موسى، باب المد اجر، وباب النصر. وفوق كل باب برج مخصص لحراس المدينة. كما يوجد تحت البوابة الرئيسية للقلعة من جهة الجنوب منطقة « المؤيد « وتتكون من مدرسة بناها المؤيد في عام 702ه، وقبة صغيرة وبركة وبقايا متنزه الملك المؤيد، ولم يبق من المدرسة سوى « صرحه « صغيرة، أما المنتزه فما يزال باقيا بصورة أوضح حتى اليوم.
ويشار إلى أن قلعة القاهرة قامت بادوار عسكرية وسياسية هامة خلال تاريخها الطويل,وليس ذلك فحسب,بل أنها أيضا تمثل تحفةمعمارية نادرة,بما تحويه من منشآت متنوعة, فضلا عن موقعها المطل على مدينة تعز,لذا توجهت إليها الأنظار وامتدت إليها يد الترميم والتطوير لصيانتها وتأهيل ,لتستقبل الزوار في منشآتها الترفيهية,كالمنتزهات والمطاعم والشلاَّلات,بالإضافةإلى المكتبة والمسرح والمتحف ومرافق أخرى تقدم خدماتها الراقية لمرتاديها،فأصبحت بذلك مقصداً سياحياً رائعاَ ومتنفساً فريداَ.
أبواب مدينة تعز
لمدينة تعز عدة أبواب أشهرها : باب القلعة ويقع جنوب شرق المدينة القديمة ويؤدى الى قلعة تعز قديما أوقلعة القاهرة حاليا . ويؤدى هذا الباب الى داخل المدينة عبر منافذ مدرجة بعضها مخفية بالجبل .. ثم باب الوحدة الذي يقع شرق المدينة القديمة ويؤدى الى داخل المدينة القديمة عبر منطقة وادي المدام داخل سور المدينة القديمة .. فالباب الكبير شمال شرق المدينة القديمة وهو المدخل الرئيسي والتجاري للمدينة القديمة .. باب المخلولة في الجهة الشمالية للمدينة وعليه شباك حديدية لمرور السيول من داخله فقط ..
وباب موسى ويقع شمال غرب المدينة وهو مدخل تجارى للمدينة للقادمين من جهة الغرب وبجواره منفذ صغير للمارة فقط أثناء الليل ..ثم باب المداجر أو باب المحاريق ويقع في الجهة الغربية للمدينة في منتصف سور المدينة القديمة..وباب الشهابية في الجهة الجنوبية الغربية للمدينة تحت قلعة السراجية ..وباب سائلة عبد الكريم ويقع تحت باب النصر في الجهة الجنوبية للسائلة .. وأخيرا باب النصر وهو المنفذ الجنوبي الرئيسي للمدينة القديمة ومنه مدرج رسمي يؤدي الى جبل صبر لدخول وخروج أبناء صبر منه وبجواره باب حائط وادي المحبة والخاص لخروج مياه السيول .
حرف وصناعات تقليديةتشتهر محافظة تعز بالعديد من الصناعات القديمة والحرف اليدوية في المجالات المختلفة والمتوارثة جيلاً بعد جيل .. ومن أهم هذه الصناعات صناعة الحلي والزينة والأسلحة التقليدية كالخناجر والجنابي « الخناجر « والملابس المصنوعة من الجلد الطبيعي والأواني الفخارية المتنوعة بأشكالها وأحجامها والمستخدمة لأغراض متنوعة .. بالإضافة إلى صناعة أدوات الحصاد القديمة والصناعات التقليدية التي تستخدم فيها ألياف وأوراق النخيل لأغراض عديدة عند ربات البيوت في المناطق الريفية والتي يستفاد منها كفرش لقاعات الغرف ومسارف لتقديم الطعام, كما يستخدم الفلاحون منتجات هذه الصناعات كقبعات تقيهم من حرارة الشمس وتستخدم بعض هذه المنتجات خصيصاً لحفظ الخبز .
ولعل أشهر هذه الصناعات هي صناعة الجبن التي تتميز بها محافظةتعزعن غيرها من المحافظات الأخرى وتصنع من مشتقات ألبان خاصة من ألبان الأغنام أو الإبل .. ويحتوي سوق الشنيني بمدينة تعزعلى بعض هذه الصناعات وكذا سوق الضباب والنشمة وسوقا هجدة والبرح .. أما أهم مراكز الحرف والصناعات اليدوية والتقليدية فتوجد بمديريات مقبنة وسامع ويختل