فردوس الأعالي .. اللحظة بعمر الكون
»جبل صبر« عالم من السحر والغموض الآسر، كنز من الجماليات المتواشجة بتناغم محكم تتربع على أسفله مدينة تعز ممتدة بالاتجاهات المختلفة، غير أنها تدين»لجبل صبر« بحيويتها وتوهجها، كونه يمدها بدواعي الألفة وأسباب السكينة.. ما إن تتموضع في أي مكان منفردوس الأعالي.. أعني جبل صبر ـ حتى تحط الفرحة في قلبك كعصفور يحط على غصن في الجنة، معاني الخلود تتكاثف هناك، حيث يفقد الطين معناه وتنفتح دلالات الروح بأغانٍ سماوية لحنتها الخضرة وموسقها العلو الجميل.. سيكون »صبر« صديقك الأول بامتياز، منذ اللقاء الأول، لا حواجز بينك وبينه، أنت هو، وهو»أنت« المفقود، المبحوث عنه منذ زمن.. بالتأكيد تجد نفسك هنا، ولاتستطيع إلا أن تقول: أنا الآن صرت الـ »أنا«المأمولة، التي كانت غامضة الملامح حتى الآن؛ حتى هذا التجلي الشاهق..هل علي أن أكتب قصيدة تحكي حميميتي بهذا المكان! أم استمع إلى قصيدة الطبيعة »الصبرية« التي عجز الدهر عن إنشاد مثلها؟ إن »صبر« و»الشعر« متشابهان إلى درجة يمكن عدهما صنوين؛ فكلاهما يوسعان المخيلة، ويرققان العاطفة ويهذبانها، لكل منهما لغته الخاصة غير أن تأثيرها واحد، كلاهما يدفعانك إلى تشكيل رؤية جديدة ومغايرة للحياة والكون كلاهما يلمسان في نفسك وتراً حساساً، ويملآن مساحة شاغرة لم تكن لتملأ إلا بهما، فوق ذلك يجعلك »صبر« تقرأ نفسك في مرايا شفافة ونقية، لتعيد صياغة مفاهيمك للحب والجمال.. ستقسم بالوجوه البريئة والعيون النقية إنك لم تصبح جزءاً من المكان إلا حين لفحتك رياح صبر، وغمرك هواؤها النقي البارد.لاتقف في موقعك، سافر في الأفق، وعش لحظتك،»فاللحظة عمر الكون« وصبر لاتعطيك مجالاً كي تشغل نفسك بسواها، هنا تتخلص من شائبة اليوميات، وتشعر أن الزمن تفتت وتلاشى في صحو خلودلايدرك كنهه إلا أنت، وأنت المشغوف بماخطته يد الله.حكايات مع العشاقصبر هي الفاتحة وأم الكتاب، لها حكايات مع العشاق وأغاني الرعاة، ترخي جدائلها على دواخل الأعماق، وأهدابها على قرارة التناهيد كيف يحويها كتاب أو يضمها سفر وهي التأويل في منتهى أسراره، والمعنى في طراوة غرسه أشك في قدرتي على نقل جمال إصبع من أصابعها المنبثة ورداً وريحاناً، وهي التي تكشف السر وتخفيه، وتقتل اللب وتحييه، مزارٌ هي للمحبين وقبلة للحائرين، تمد بالهدى والنور قلوباً أقلتها عرى المادة، وضللتها صنوف الآلات بكل النبوءة تكسب القلوب إلى ديانة الجمال، وتمنح من حنان شجرها وحجرها وناسها إلى قسوة الحياة فتمحوها، وإلى يباس اللهفة فتحييها.
السبت أبريل 22, 2017 6:20 pm من طرف 
اليومية
